وليس بذلك البعيد لولا ما مر من الصحيحة المعتضدة بالشهرة، وإطلاقات الكتاب والسنة، وما تقدم من حكاية عدم الخلاف بين الصحابة، الذين منهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو سيدهم، وقوله حجة، وذلك للإجماع المنقول في الغنية، ودلالة كثير من النصوص على الحرمة، منها الصحيحة الأخيرة، لظهورها في ثبوت البأس في الذبيحة مع الإبانة، وهو فيها للتحريم، كما مر إليه الإشارة. ونحوها صحيحة اخرى: عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أيؤكل ذبيحته؟ فقال: نعم إذا كان لا يتهم وكان يحسن الذبح قبل ذلك ولا ينخع ولا يكسر الرقبة حتى تبرد الذبيحة (1). والموثقة:
عن الرجل يذبح فتسرع السكين فتبين الرأس، فقال: الذكاة الوحية لا بأس بأكلها إذا لم يتعمد ذلك (2).
إلا أنه يمكن الذب عن جميعها، فالإجماع بعدم صراحة حكايته على المقام واحتمال رجوعه إلى شئ آخر غيره. والصحيحتان بأن بناء الدلالة فيهما على كون «لا» نفيا معطوفا على ما سبقها لا نهيا أو نفيا مستأنفا. وفي تعين المبني عليه نظر جدا، لاحتمال الأخيرين فيهما أيضا احتمالا متساويا، فتأمل جدا لسابقهما. والثالثة بأن غايتها الدلالة على ثبوت البأس مع تعمد الإبانة، وهو أعم من التحريم.
ولو سلمت الدلالة بنحو من التوجيه المتقدم إليه الإشارة فهي بحسب السند قاصرة عن المكافأة لما مر من أدلة الإباحة ضعيفة.
ثم إن القول بتحريمها على تقديره أو الكراهة إنما هو مع تعمد الإبانة (و) أما مع عدمه كما (لو سبقت السكين فأبانته لم تحرم الذبيحة)