ولا تحجير في المعادن الظاهرة، كما قالوه، لأنه شروع في الإحياء، وهو منتف فيها، ولو أهمل المحجر العمارة مدة طويلة أجبره الإمام على أحد الأمرين، إما الإتمام، أو التخلية للغير حذرا من التعطيل، ولا خلاف في شئ من ذلك يعرف.
واعلم أني لم أقف على ما يتضمن أصل التحجير فضلا عما يدل على حصول الأولوية به إلا اتفاقهم عليه ظاهرا، ودعواه في كلام جمع منهم صريحا، ولعلهم أخذوها من فحوى ما دل عليها في السبق إلى مكان من المسجد أو السوق من النص وغيره، ولا بأس به.
(وأما الإحياء ف) ليس كذلك، لما مر من تضمن النصوص له، ولحصول الملك به، وهي وإن كانت (لا) تدل على (تقدير للشرع فيه) إلا أن الضابط في مثله معروف (و) هو أنه (يرجع في كيفيته) وتحديده (إلى) العرف و (العادة) حيث لم يثبت له تقدير في اللغة، ولعله لذا عبر الماتن التعبير عنهما، فبين كيفية التحجير من دون رد إلى ما رد إليه كيفية الإحياء، تنبيها لورود النص فيه دون التحجير، إلا أنه ظاهر في قيام دليل على ما بينه في التحجير، ولعله الإجماع. فتأمل.
وحيث وجب الرجوع في الإحياء إلى العرف فلا بد من الاقتصار على ما يحكم به فيه، وهو يختلف باختلاف ما يقصد منه، فالمسكن بالحائط والسقف بخشب أو عقد، والحظيرة (1) - ولا يشترط نصب الباب فيهما عندنا - والزرع بعضد الأشجار وقطعها والتهيئة للانتفاع، وسوق الماء أو اعتياد الغيث أو السيح، ويحصل الإحياء أيضا بقطع المياه الغالبة.