رياض المسائل - السيد علي الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٥
وجاز مثله فيما تقدمه، إلا أنه لا يوجب الصراحة التي هي المناط في تخصيص الأدلة، بل غايته الظهور.
فلا يمكن الخروج بهما عن الاستصحاب والخبرين اللذين تقدما وإن اعتضد ظهورهما بما فيهما من العلة وما في حكمها، إذ لا يوجبان الصراحة جدا، بعد احتمال كون المراد مما تأكله النار النفرة الحاصلة للنفس أو الموجبة للكراهة لا النجاسة، سيما مع الاتفاق على أن النار إنما تطهر بالإحالة، لا بالتجفيف ونحوه.
ثم لو سلم الصراحة فهما كما عرفت قاصرتان عن المقاومة لما مر من الأدلة من وجوه عديدة، ومنها الشذوذ والندرة فيهما دون السابقة. فلا شبهة في المسألة بحمد الله سبحانه.
(الرابع: الطين، وهو) بجميع أصنافه (حرام) إجماعا فتوى ونصا مستفيضا، بل متواترا.
منها: أكل الطين حرام كلحم الخنزير، ومن أكله ثم مات فيه لم أصل عليه، إلا طين القبر فإن فيه شفاء من كل داء، ومن أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء (1). وفي رواية: وأمانا من كل خوف (2).
ويستفاد منه ومن غيره مما تضمن الاستثناء المذكور فيه المشار إليه في كلام الأصحاب بقولهم: (إلا طين قبر الحسين للاستشفاء) أن المراد بالطين هنا ما يعم التراب الخالص والممزوج بالماء، الذي هو معناه الحقيقي لغة وعرفا، مضافا إلى تعليل التحريم بالإضرار للبدن الوارد في بعض النصوص والفتاوى، بناء على حصول الضرر في الخالص أيضا قطعا.

(1) الوسائل 16: 395 - 396، الباب 59 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحديث 1، 2.
(2) الوسائل 16: 395 - 396، الباب 59 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحديث 1، 2.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست