يكون معلولا له الذي هو البرهان الآني، وإما علقة التلازم. ومن المعلوم أن الحجة بهذا المعنى لا تصدق على القطع، ولا يصح جعله وسطا في تأليف القياس، فلا يقال: إن هذا معلوم الخمرية أو الحرمة، وكل معلوم الخمرية خمر، أو يجب الاجتناب عنه إذ المعلوم الخمرية يمكن ان يكون خمرا، ويمكن ان لا يكون - وبعبارة أخرى - ان الخمرية من العناوين الواقعية تدور مدار الواقع لا العلم، ووجوب الاجتناب متعلق بالخمر الواقعي لا بما هو معلوم الخمرية.
ثم إن الحجة بهذا المعنى كما لا تصدق على القطع لا تصدق على الامارات الشرعية، ولا يصح جعلها وسطا: إذ متعلقاتها ان كانت من الموضوعات الخارجية فعدم ثبوت العلقة بينهما واضح، إذ لا علقة بين البينة القائمة على الخمرية وبين نفس الخمر، لا علقة التلازم، ولا علقة العلية، والمعلولية، وان كانت من الأحكام الشرعية، فلان الأحكام الشرعية انما تثبت لمتعلقاتها ومترتبة على موضوعاتها الواقية، لا على ما أدى إليه الطريق الأبناء على التصويب الذي لا نقول به، فلا ربط ثبوتي بين الامارة وبين الأكبر وقد عرفت لزوم وجوده في اطلاق الحجة.
وبهذا يظهر عدم تمامية ما افاده الشيخ الأعظم (ره) بقوله ان اطلاق الحجة على القطع ليس كاطلاقها على الامارات المعتبرة شرعا إلى أن يقول فقولنا الظن حجة يراد به كونه وسطا لا ثبات حكم متعلقه فراجع وتدبر.
وأما بمعناها الثاني: فلان الحجة في اصطلاح الأصوليين، عبارة عن الطرق والامارات الواسطة لا ثبات احكام ما تعلقت به بحسب الجعل الشرعي، وهذا المعنى لا ينطبق على القطع، إذ القطع بالحكم هو وصوله حقيقة ولا يتوقف عل منجزية القطع لتكون نتيجة البحث عنها مفيدة في الفقه، وهذا بخلاف ساير الامارات فإنه بما انها ليست وصولا حقيقيا للحكم، فيتوقف العلم بالحكم على ثبوت كونها وصولا تعبديا، وبهذه العناية يصح جعلها وسطا في القياس لا ثبات احكام متعلقاتها فيقال هذا مظنون الخمرية وكل مظنون الخمرية حرام، ولعله إلى هذا نظر الشيخ الأعظم (ره) وان كان خلاف ظاهر كلامه.