قال في المقنع: ولا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا يزوج المحل، وإذا تزوج في إحرامه فرق بينهما ولم تحل له أبدا، وهو كما ترى موافق لما دل عليه الخبران المذكوران وما ذكره ابن إدريس، أما بالنسبة إلى التحريم مع العلم فدليله واضح من الرواية المذكورة، وأما مع الدخول في صورة الجهل فلا أعرف عليه دليلا من الأخبار، إلا بأن يكون نوعا من الاعتبار كما هي قاعدتهم الجارية في هذا المضمار.
قال ابن إدريس في كتاب السرائر في تعداد المحرمات: ويحرم أيضا على التأبيد المعقود عليها في عدة معلومة أي عدة كانت أو إحرام معلوم، والمدخول بها فيهما على كل حال، سواء كان عن علم أو جهل بحالهما، ونحوها عبارة أبي الصلاح، ويمكن أن يكون قد حمل الاحرام على العدة في ذلك.
ومما يدل على عدم التحريم - مع الجهل دخل أو لم يدخل - مفهوم رواية زرارة وداود بن سرحان وإطلاق صحيحة محمد بن قيس، خرج عنها العالم بتقييدها بروايتي أديم وإبراهيم وبقي الجاهل، وبالجملة فالظاهر هو القول المشهور، فإنه لا يعتريه قصور ولا فتور.
وينبغي أن يعلم أنه إنما يحصل التحريم بالعقد مع صحته لولا المانع الذي هو الاحرام، وحينئذ فلا عبرة بالفاسد، ولا يترتب عليه تحريم سواء علم بفساده أم لا.
ونقل عن العلامة في التحرير أنه استقرب إلحاقه بالصحيح إذا اعتقد صحته والظاهر بعده، ولا فرق في التحريم بين إحرام الحج والعمرة في ذلك، ولا بين الفرض والنفل، ولا بين كونه عن نفسه أو غيره، ولا بين كون المعقود عليه محرما وعدمه، كل ذلك لاطلاق النص، ولو انعكس الفرض في الأخير بأن كان الزوج محلا والزوجة محرمة، فالأصل يقتضي عدم التحريم، ولا نص هنا يوجب الخروج عنه وفي بعض عبارات الأصحاب ما يدل التسوية بين الأمرين، وكيف كان فالعقد