وعلل الثاني وهو جواز الاعتراض في المسمى مطلقا بأن النكاح عقد معاوضة في الجملة، وإن لم تكن معاوضة محضة، ومقابلة البضع بأقل من عوض مثله ينجبر بالتخيير، ومجرد المصلحة في ذلك غير كاف في عدم الاعتراض، كما لو باع الوكيل بدون ثمن المثل، وإن كان هناك مصلحة للموكل.
والفرق بين البيع والنكاح - حيث حكم بصحة العقد بخلاف البيع بأقل من ثمن المثل - هو أن المهر ليس ركنا في النكاح كما تقدمت الإشارة إليه، فلا مدخل له في صحته ولا فساده، وإنما جبر نقصه بالتخيير في فسخه، والرجوع إلى مهر المثل، والتعليل بجواز عفو الولي لا يدل على المدعى، لأن عفوه ثبت على خلاف الأصل في موضع خاص، وهو كونه بعد الطلاق قبل الدخول، فلا يتعدى إلى غيره، لأن الأصل في تصرفه مراعاة المصلحة للمولى عليه.
وعلل جواز الاعتراض في العقد أيضا بأن العقد المأذون فيه شرعا على وجه اللزوم هو العقد بمهر المثل، ومن ثم لم يجب الالتزام بمجموع ما حصل عليها هذا العقد.
ثم إن التراضي إنما وقع هنا على العقد المشتمل على المسمى فمتى لم يكن ماضيا كان لها فسخه من أصله، والأصل في هذا البناء أن الواقع أمر واحد، وهو العقد المشخص بالمهر المذكور، وإذا لم يكن ذلك لازما لها فسخت العقد.
وأورد عليه بأن أصل العقد صحيح، وإنما المانع من قبل المهر، ويمكن جبره بفسخه خاصة والرجوع إلى مهر المثل، ولا نسلم أنهما واحد، بل هما اثنان لا تلازم بينهما فإذا حصل الخلل في أحدهما لا ينقض الآخر.
نعم يتجه على تقدير اختيارها الفسخ في المسمى ثبوت الخيار للزوج في فسخ العقد وإمضائه لأنه لم يرض بالعقد إلا على ذلك الوجه المخصوص، والحال أنه لم تتم له، وإلزامه بمهر المثل على وجه القهر ضرر منفي إلا أن يكون