ويشير إلى ما ذكرناه قوله عليه السلام في بعض تلك الأخبار (1) " إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة وولده سفيه مفسد لا ينبغي له أن يسلط واحدا منهم على ماله " فإنه ظاهر في أن النهي عن تسليطهم إنما هو لخوف صرفهم المال في الفساد، وهي الأمور الغير الجائزة.
وكذا قوله عليه السلام في بعضها (2) " لا تعطوهم حتى تعرفوا منهم الرشد " إنما هو لخوف صرف المال فيما هو خلاف الرشد، وعلى هذا فلا تعلق للحجر بما لو كان الصرف في الأمور الشرعية، وحينئذ فالواجب بمقتضى ما قلناه على الولي أن يدفع له من المال - متى أراد التزويج لضرورة كان أم لا - ما يقوم بذلك مهرا ونفقة ونحوها.
وبذلك يظهر لك ما في تفريعاتهم في المسألة، ثم إنهم قالوا: إنه لو اضطر إلى التزويج لخدمة أو شهوة أو غيرهما من الضرورات جاز للولي تزويجه مقتصرا على ما يندفع به الحاجة كما وكيفا.
وهل يشترط تعيين الزوجة؟ فيه وجهان بل قولان: (أحدهما) - واختاره العلامة في كتبه والمحقق في الشرايع - العدم، فيجوز للولي أن يأذن له في التزويج وإن لم يعين له الزوجة، لأنه مقيد بمراعاة المصلحة، فلو تجاوزها فسد، وعلى هذا فيصح الإذن المطلق، وينكح من شاء بمهر المثل أو أقل، فلو نكح والحال هذه شريفة تستغرق مهر مثلها ما له أو معظمه لم يصح لأنه على خلاف المصلحة و (ثانيهما) أنه لا بد من تعيين الزوجة بخصوصها أو حصرها في قوم أو قبيلة أو تعيين المهر، لأن المقتضي للحجر عليه هو حفظ ماله وصيانته عن الاتلاف، فلو جوزنا إطلاق الإذن، لم يؤمن أن ينكح من يستغرق مهر مثلها ماله، ولا يكفي