المتأخرين في التقصي عنها، ولم يجرؤوا على ردها بالكلية، فذهب جملة منهم المحقق والعلامة إلى تنزيلها على أن تعليق الحكم بالصحة والبطلان على رؤية الزوج لهن وعدمها، معناه أنه برؤيته لهن كملا، قد وكل التعيين إلى الأب لأن الزوج إذا كان قد رآهن وقبل نكاح من أوجب عليها الأب يكون قد رضي بتعيينه، ووكل ذلك إليه فيلزمه ما عين، ويقبل قول الأب فيما عينه، وإن لم يكن مفوضا إلى الأب ولا راضيا بتعيينه فيبطل العقد.
واعترض عليه في المسالك بأن تفويض (1) الزوج إلى الأب التعيين إن كان كافيا عنه مع كونه المتولي للقبول، من غير أن يقصد معينة عنده، فلا فرق بين رؤيته وعدمها، لأن رؤية الزوج لا مدخل لها في صحة النكاح كما سبق، وإن لم يكن ذلك كافيا في الصحة بطل على التقديرين.
ودعوى أن رؤيتهن دلت على الرضا بما يعينه الأب، وعدمها على عدمه، في موضع المنع، لأن كل واحد من الحالين أعم من الرضا بتعيينه وعدمه.
وليس في الرواية على تقدير الاعتناء بها دليل على ذلك، بل عند التنزيل تخصيص لها في الحالين، وحينئذ فاللازم إما العمل بمدلول الرواية من غير حمل كما فعل الشيخ، أوردها رأسا والحكم بالبطلان في الحالين كما فعل ابن إدريس ولعله أوجد، لأن العقد لم يقع على معينة مخصوصة منهما، وهو شرط الصحة إنتهى، وهو جيد إلا فيما استجوده من رد الرواية رأسا.
وسبطه السيد السند في شرح النافع لما كان من قاعدته الدوران مدار صحة الأسانيد من غير ملاحظة ما يشتمل عليه متون الأخبار من المخالفات، جمد على ما ذكره المحقق والعلامة هنا من التنزيل المتقدم، فقال بعد ذكره:
ولا بأس بهذا التنزيل جمعا بين الرواية والأدلة الدالة على الأحكام المتقدمة إنتهى.