____________________
فهمه، وعدم إحاطته التامة بسلسلة الأسباب والمسببات والمبادي والغايات، فانظر في كيفية خلقة أعضاء الإنسان حتى تعرف عدل الله وحكمته فيها، ثم انظر إلى اختلاف أحوال الخلق في الحسن والقبح والغنا والفقر والصحة والسقم وطول العمر وقصره واللذة والألم، واقطع بأن كل ذلك عدل وصواب، ثم انظر إلى كيفية خلقة العناصر وأجرام الأفلاك والكواكب، وتقدير كل منها بقدر معين وخاصية معينة، فكلها حكمة وعدل، وانظر إلى تفاوت الخلائق في العلم والجهل والفطانة والبلادة، واقطع بأن كل ذلك عدل وقسط، فإن الإنسان بل كل ما سوى الله تعالى لم يخلق مستعدا لإدراك تفاصيل كلمات الله، فالخوض في ذلك خوض فيما لا يعنيه بل لا يسعه، ولا ينفعه إلا العلم الإجمالي بأنه تعالى واحد في ملكه، وملكه لا منازع له ولا مضاد ولا مانع لقضائه ولا راد، وفي كل واحد من مصنوعاته، ولكل شيء من أفعاله حكم ومصالح، لا يحيط بذلك علما إلا موجده وخالقه، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قسطا وعدلا، هذا هو الدين القويم والاعتقاد المستقيم، والعدول عنه مراء، والجدال فيه هراء، فمن نسبه سبحانه إلى الجور في فعل من الأفعال فهو الجائر لا على غيره بل على نفسه، إذ لا يعترف بجهله وقصوره، ولكن ينسب ذلك إلى علام الغيوب، العالم بالخفيات، والمطلع على الكليات والجزئيات، من أزل الآزال إلى أبد الآباد.
وإلى ذلك يشير قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: التوحيد أن لا تتوهمه، والعدل أن لا تتهمه (1).
وإلى ذلك يشير قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: التوحيد أن لا تتوهمه، والعدل أن لا تتهمه (1).