رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٥١٥
فإنك مليء بالعفو، مرجو للمغفرة، معروف بالتجاوز.
____________________
فلا يقال: وهبتك مالا، وإن سمع فليس في كلام فصيح (1).
ثم توسعوا في الهبة فاستعملوها بمعنى المغفرة، يقال: اللهم هب لي ذنوبي، أي: اغفرها لي.
ووجب الحق يجب وجوبا: لزم وثبت.
واستوجب الشيء: استحقه.
وعافاه الله: محى عنه الأسقام، والغرض سؤال عدم المؤاخذة بالحقوق التي تجب لله عليه، ومحو ما يستحقه هو من المؤاخذة على ما فرط منه.
وأجاره مما يخاف: آمنه منه.
وأهل الإساءة: الذين يعملون السيئات، وما يخافونه: هو العقوبة التي هي أسوأ العقوبات وأفظعها وهي العقوبة بالنار، كما قال تعالى: ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى (2)، فإن السوأى تأنيث الأسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن، أو مصدر كالبشرى، وصف بها العقوبة مبالغة كأنها نفس السوء، والله تعالى أعلم.
الفاء: للتعليل، أي: لأنك مليء، والمليء مهموز على فعيل هو الغني المقتدر، ويجوز البدل والإدغام، وبالوجهين وردت الرواية في الدعاء، وملؤ الرجل بالضم، ملأة أي: غنى وأثرى، وهو إملاء القوم أي: أقدرهم وأغناهم.
والفرق بين العفو والمغفرة أن العفو إسقاط العذاب، والمغفرة أن يستر عليه بعد ذلك جرمه صونا له عن عذاب الخزي والفضيحة، فإن الخلاص من عذاب النار

(1) كتاب الأفعال الثلاثية والرباعية: ص 163.
(2) سورة الروم: الآية 10.
(٥١٥)
مفاتيح البحث: سورة الروم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»
الفهرست