____________________
ولا يخفى أنه مشعر بأن هذا القول متفق عليه بين الإمامية. لكن قال شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في شرح الشرائع: اختلف الأصحاب وغيرهم في أن الذنوب هل هي كلها كبائر؟ أم تنقسم إلى كبائر وصغائر؟ فذهب جماعة منهم المفيد وابن البراج وأبو الصلاح وابن إدريس والطبرسي إلى الأول، نظرا إلى اشتراكها في مخالفة أمره ونهيه تعالى، وجعلوا الوصف بالكبر والصغر إضافيا، فالقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا وكبيرة بالنسبة إلى النظر، وكذلك غصب الدرهم كبيرة بالنسبة إلى غصب اللقمة وصغيرة بالإضافة إلى غصب الدينار، وهكذا.
وذهب المصنف وأكثر المتأخرين إلى الثاني، عملا بظاهر قوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم (1)، دل بمفهومه على أن اجتناب بعض الذنوب - وهي الكبائر - يكفر السيئات، وهو يقتضي كونها غير كبائر، وقال تعالى: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش (2)، مدحهم على اجتناب الكبائر من غير أن يضايقهم في الصغائر، وفي الحديث: إن الأعمال الصالحة تكفر الصغائر. إذا تقرر ذلك فعلى القول الأول يقدح في العدالة مواقعة أي معصية كانت، ولا يخفى ما في هذا من الحرج والضيق، لأن غير المعصوم لا ينفك عن ذلك، وقد قال تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج (3).
وأجاب ابن إدريس: بأن الحرج ينتفي بالتوبة، وأجيب: بأن التوبة تسقط الكبائر والصغائر، ولا يكفي في الحكم بالتوبة مطلق الاستغفار وإظهار الندم
وذهب المصنف وأكثر المتأخرين إلى الثاني، عملا بظاهر قوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم (1)، دل بمفهومه على أن اجتناب بعض الذنوب - وهي الكبائر - يكفر السيئات، وهو يقتضي كونها غير كبائر، وقال تعالى: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش (2)، مدحهم على اجتناب الكبائر من غير أن يضايقهم في الصغائر، وفي الحديث: إن الأعمال الصالحة تكفر الصغائر. إذا تقرر ذلك فعلى القول الأول يقدح في العدالة مواقعة أي معصية كانت، ولا يخفى ما في هذا من الحرج والضيق، لأن غير المعصوم لا ينفك عن ذلك، وقد قال تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج (3).
وأجاب ابن إدريس: بأن الحرج ينتفي بالتوبة، وأجيب: بأن التوبة تسقط الكبائر والصغائر، ولا يكفي في الحكم بالتوبة مطلق الاستغفار وإظهار الندم