استمع العلم، أو أدرسه أو أدرسه (1) تقربا إلى الله تعالى، فان ذلك لا عبرة به، بل المراد جمع الهمة على ذلك وبعث النفس وتوجهها وميلها إلى تحصيل ما فيه ثواب عاجل أو آجل، تلفظ بذلك أو لا، ولو قدر تلفظه بذلك والهمة غيره فهو لغو.
الفائدة الثامنة والعشرون يجب التحرز من الرياء في الاعمال، فإنه يلحقها بالمعاصي. وهو قسمان: جلي، وخفي. فالجلي ظاهر. والخفي إنما يطلع عليه أولوا المكاشفة والمعاملة لله، كما يروى عن بعضهم: أنه طلب الغزو وتاقت نفسه إليه، فتفقدها فإذا هو يحب المدح بقولهم: فلان غاز، فتركه، فتاقت نفسه إليه، فأقبل يعرض نفسه (2) على ذلك الرياء حتى أزاله، ولم يزل يتفقدها شيئا بعد شئ حتى وجد الاخلاص مع بقاء الانبعاث، فاتهم نفسه وتفقد أحوالها فإذا هو يحب أن يقال: فلان مات شهيدا، لتحسن سمعته في الناس بعد موته.
وقد يكون ابتداء النية إخلاصا وفي الأثناء يحصل الرياء، فيجب، التحرز منه فإنه مفسد للعمل. نعم لا يكلف بضبط هواجس النفس وخواطرها بعد ايقاع النية في الابتداء خالصة، فان ذلك معفو عنه، كما جاء في الحديث (3).