وجها، لأنه في نفسه طاعة، وهو بيت الله، وداخله زائر الله، ومنتظر للصلاة، مشغول بالذكر والتلاوة واستماع العلم، ومشغول عن المعاصي والمباحات والمكروهات بكونه فيه، والتاهب بكف السمع والبصر والأعضاء عن الحركات في غير طاعة الله، وعكوف الهمة (1) على الله، ولزوم الفكر في أمر الآخرة حيث يسكت عن الذكر، وإفادة العلم واستفادته، والمجالسة لأهله، والاستماع له، ومحبته، ومحبة أهله، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو المكروه. وقد نبه على ذلك كلام أمير المؤمنين عليه السلام: (من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو كلمة تردعه عن ردى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء) (2).
فإذا استحضر العارف هذه الأمور إجمالا أو تفصيلا، وقصدها، تعدد بذلك عمله، وتضاعف جزاؤه، فبلغ بذلك أعمال المتقين وتصاعد في درجات المقربين. وعلى ذلك تحمل أشباهه من الطاعات.
الفائدة السادسة والعشرون ينبغي أن ينوي في الأشياء المحتملة للوجوب الوجوب، كتلاوة القرآن، إذ حفظه واجب على الكفاية، وربما تعين على الحافظ له حذرا من النسيان. وكطلب العلم، فإنه فريضة على كل مسلم (3). وكالامر