فتكون يد الآخذ يد أمانة شرعية، فإذا شك في ضمان العين بعد تلفها كان المرجع هو استصحاب يد الأمانة.
ولكن يرد عليه أن ترخيص الشارع في ذلك ترخيص ظاهري في ظرف الجهل لا ترخيص واقعي، أما حكم الشارع بالضمان فهو حكم واقعي ثابت في حالتي العلم والجهل، ولا منافاة بين الحكمين على ما حققناه في علم الأصول، وعليه فوضع اليد على مال الغير بنية التملك يوجب الضمان، فإذا انكشف الواقع فإن كانت العين باقية فلا بد من ردها إلى مالكها وإلا فلا بد من رد مثلها أو قيمتها إليه.
ويدل على ما ذكرناه حكمهم بالضمان في مسألة تعاقب الأيدي على المال المغصوب مع الجهل بالحال، ولم يقل أحد فيها بعدم الضمان حتى صاحب المسالك (رحمه الله).
وأما المسألة الثانية، وهي أنه إذا كان وضع اليد على المال موجبا للضمان فهل يرتفع هذا الحكم بنية الرد إلى المالك بعد العلم بالحال أم لا؟ فيه وجهان: الضمان، كما ذهب إليه المصنف (رحمه الله)، وعدمه، كما ذهب إليه السيد في حاشيته (1).
وقد استدل المصنف (رحمه الله) على الضمان بما حاصله: أن أخذ الجائزة من الجائر بنية التملك وإن كان جائزا بمقتضى الحكم الظاهري، إلا أنه يوجب الضمان واقعا لقاعدة ضمان اليد، فإذا انكشف الخلاف وتبدل قصد الآخذ وبنى على حفظ المال للمالك ورده إليه شككنا في ارتفاع الضمان الثابت بقاعدة ضمان اليد وعدمه، فنستصحب بقاءه.
وأشكل عليه السيد بأن علة الضمان وإن كانت هي الأخذ العدواني