الإقالة والابراء والتأجيل في الواجب إنما هو من ناحيته الأولى، ولا ينافي ذلك أن تجري فيه تلك الأمور من ناحيته الثانية.
6 - ما ذكره شيخنا الأستاذ ثانيا، من أن الإجارة أو الجعالة الواقعة على الواجب العيني من المعاملات السفهية، فتكون باطلة من هذه الجهة، فإن من شرائط الإجارة أو الجعالة أن يكون العمل ممكن الحصول للمستأجر وفي الواجب العيني ليس كذلك.
ولكنك قد عرفت مرارا أنه لا دليل على بطلان المعاملة السفهية، فتكون العمومات محكمة، على أنه لا شبهة في امكان الانتفاع بالواجب المستأجر عليه، وإذن فتخرج المعاملة عن السفهية، وقد تقدم بيان ذلك في المقدمة التي مهدناها للبحث عن أخذ الأجرة على الواجب.
7 - ما احتمله بعض مشائخنا المحققين ونسبه إلى أستاذه في مبحث القضاء، وهو أن بذل العوض بإزاء ما تعين فعله على الأجير لغو محض، فلا يكون مشمولا للعمومات.
8 - ما نسبه إلى بعض الأعلام، من أن الايجاب ينبعث عن مصلحة تعود إلى المكلف، وأخذ الأجرة على ما يعود نفعه إليه أكل للمال بالباطل.
وقد ظهر جواب هذين الوجهين من الأجوبة المتقدمة.
وقد تجلى مما حققناه أن الاشكالات المذكورة لا ترجع إلى معنى محصل تركن إليه النفس، والعجب من هؤلاء الأعلام فإنهم ناقشوا في جواز أخذ الأجرة على الواجب، وأضافوا إليه شبهة بعد شبهة ونقدا بعد نقد، حتى تكونت منها أمواج متراكمة، يندهش منها الناقد البصير في نظرته الأولى: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض (1).