منها كون الفعل خالصا لله سبحانه، ومنها كونه أداء وقضاء عن نفسه أو عن الغير بأجرة أو بغيرها، وكل من هذه القيود غير مناف لقصد الاخلاص ، والأجرة فيما نحن فيه إنما وقعت أولا وبالذات بإزاء القيد الثاني، أعني النيابة عن زيد، بمعنى أنه مستأجر على النيابة عن زيد بالاتيان بهذه الفريضة المتقرب بها، وقيد القربة في محله على حاله لا تعلق للإجارة إلا من حيث كونه قيدا للفعل المستأجر عليه، نعم لو اشترط في النيابة عن الغير التقرب زيادة على التقرب المشروط في صحة العبادة اتجه منافاة الأجرة لذلك إلا أنه ليس بشرط اجماعا.
وفيه أولا: أن أخذ الأجرة في مقابل العمل المقيد بقصد القربة يستلزم وقوع الأجرة بإزاء نفس العمل أيضا، وعليه فيعود المحذور المذكور.
وثانيا: ما ذكره بعض مشائخنا المحققين، من أن الفعل القلبي والفعل الخارجي وإن كانا متغايرين ماهية ووجودا، ولكل منهما غاية خاصة، إلا أنه لا شك في أنه لولا الفعل القلبي بما له من الغاية، وهي استحقاق الأجرة، لم يصدر الفعل الخارجي بما له من الغاية، وهي القربة، فالاخلاص الطولي غير محفوظ بمجرد تعدد الفعل مع ترتب الفعل الخارجي بغايته على الفعل القلبي بغايته.
3 - ما ذكره شيخنا الأستاذ توجيها لكلام المصنف في المكاسب، وملخصه: أنه لا شبهة في عدم اعتبار المباشرة في فعل المنوب عنه، بل جاز للغير الاتيان بالفعل عنه نيابة، ويجوز التبرع عنه في ذلك، من دون أن يعتبر قصد القربة في الأمر التبرعي، بل اعتباره في فعل النائب لأجل اعتباره في المنوب فيه.
ثم إنه لا ريب في أن هذا الأمر التبرعي يصبح واجبا إذا وقعت عليه الإجارة، وحينئذ لا يخرج النائب عن عهدته بامتثاله بقصد القربة