وقد ذكر غير واحد من الأعلام وجوها في تصوير النيابة عن الغير في امتثال وظائفه بقصد التقرب والاخلاص:
1 - ما ذكره المصنف وحاصله: أن الأجير يجعل نفسه بدلا عن الميت في الاتيان بتكاليفه متقربا بها إلى الله تعالى، فالمنوب عنه يتقرب إليه تعالى بفعل نائبة وتقربه.
ولا شبهة أن هذا التنزيل في نفسه مستحب وإنما يصير واجبا بالإجارة وجوبا توصليا، من غير أن يعتبر فيه قصد القربة في ذاته، بل اعتباره فيه من جهة اعتباره في وظيفة المنوب عنه، لأن الأجير لا يخرج عن عهدة التكليف إلا بالاتيان بالعمل المستأجر عليه بقصد الاخلاص، فالأجير يجعل نفسه نائبا عن الغير في امتثال وظائفه متقربا بها إلى الله، وإنما يأخذ الأجرة للنيابة فقط دون الاتيان بالعبادات.
فإن للنائب حين ما يأتي بالعمل فعلين: أحدهما قلبي من أفعال الجوانح، وهو النيابة، وثانيهما خارجي من أفعال الجوارح، وهو العمل المنوب فيه كالصلاة مثلا، وإذا تعدد الفعل ذاتا ووجودا فإنه لا بأس بتعدد الغاية المترتبة عليهما، ولا تنافي بين أخذ الأجرة على النيابة وبين الاتيان بالعبادات متقربا بها إلى الله تعالى.
وفيه: أن أخذ الأجرة أما لتنزيل نفسه منزلة الميت ونيابته عنه في الاتيان بوظائفه، وأما للاتيان بالعمل في الخارج، فعلى الأول يلزم استحقاق الأجرة بمجرد النيابة القلبي، سواء أتى بالعمل في الخارج أم لا، وهو بديهي البطلان، وعلى الثاني فيعود المحذور، وهو أخذ الأجرة على الأمر العبادي، فإن الموجود في الخارج ليس إلا نفس العبادة.
2 - ما ذكره المصنف في رسالة القضاء، من أن النية مشتملة على قيود،