ومن هنا ظهر ما في رواية زكريا بن آدم (1)، التي تدل على اهراق المرق المتنجس، فإن الأمر بالهراقة فيها ارشاد إلى ما ذكرناه، من قلة نفعه مضافا إلى أنها ضعيفة السند.
ومنها: قوله (عليه السلام) في روايتي سماعة وعمار الواردتين في الإنائين المشتبهين: يهريقهما جميعا ويتيمم (2)، فإن أمره (عليه السلام) بهراقة الإنائين مع امكان الانتفاع بهما في غير ما هو مشروط بالطهارة ظاهر في حرمة الانتفاع بالماء المتنجس، وبضميمة عدم القول بالفصل بين أفراد المتنجسات يتم المطلوب.
وفيه أن خصوصية المورد تقتضي كون الأمر بالاهراق ارشادا إلى مانعية النجاسة عن الوضوء، ثم إذا سلمنا كون الأمر فيهما للمولوية التكليفية فمن المحتمل القريب أن يكون الغرض من الأمر هو تتميم موضوع جواز التيمم، لأن جوازه في الشريعة المقدسة مقيد بفقدان الماء، وقبل إراقة الإنائين لا يتحقق عنوان الفقدان لوجود الماء الطاهر عنده وإن لم يعرفه بعينه، ولذلك أفتى بعض الفقهاء بعدم جواز التيمم قبل اهراق الإنائين.