فإن الرجس قد يطلق على مطلق القبائح والمعاصي، وقد عرفت ذلك في الهامش من القاموس وغيره، وأما من جهة كون تلك الأمور نفسها من عمل الشيطان، فعلى الأول تكون الآية دالة على وجوب الاجتناب عن كل عمل قبيح يصدق عليه أنه رجس، وأما ما لم يحرز قبحه فلا تشمله الآية، وعلى الثاني يكون موضوع الحكم فيها كل عين من الأعيان صدق عليها أنها من عمل الشيطان.
وعليه فكل عين محرمة صدق هذا العنوان عليها تكون مشمولة للآية، ومن الواضح أن الخمر من عمل الشيطان باعتبار صنعها، أو بلحاظ أن أصل تعليمها كان من الشيطان، وكذلك النصب بلحاظ جعلها صليبا، والأزلام بلحاظ التقسيم كالحظ والنصيب في الزمن الحاضر، المعبر عنه في لغة الفارس بكلمة: بليط بخت آزمايى، وأما ما لا يصدق عليه ذلك وإن كان من الأعيان النجسة، كالكلب والخنزير، فضلا عن المتنجسات فلا تشمله الآية.
4 - إذا سلمنا شمول الآية للنجاسات والمتنجسات، فلا دلالة فيها على حرمة الانتفاع بالمتنجس، فإن الاجتناب عن الشئ إنما يكون باجتناب ما يناسب ذلك الشئ، فالاجتناب عن الخمر عبارة عن ترك شربها إذا لم يدل دليل آخر على حرمة الانتفاع بها مطلقا، والاجتناب عن النجاسات والمتنجسات عبارة عن ترك استعمالها فيما يناسبها، ومن القمار عن ترك اللعب، ومن الأمهات والبنات والأخوات والخالات