وعليه فالمرتفع من منافع الدهن إذا تنجس إنما هو خصوص إباحة أكله وأما ما سواها من المنافع فهو باق على حاله.
وعلى الجملة انتفاء بعض المنافع الظاهرة المعروفة عن الأشياء كذهاب رائحة الأدهان العطرية وعروض حرمة الأكل لما قصد منه أكله من الأدهان لا يوجب انتفاء ماليتها بالكلية، بل هي موجودة فيها باعتبار منافعها الأخر الظاهرة وإن كانت غير معروفة، ومن هنا يتوجه الحكم بالضمان إذا غصبها غاصب أو أتلفها متلف للسيرة القطعية العقلائية ولدليل اليد.
وإذن فلا وجه لجعل الاستصباح من المنافع النادرة للدهن بل هو كغيره من المنافع الظاهرة، فإن اعتبر قصدها في صحة البيع اعتبر مطلقا وإن لم يعتبر ذلك لم يعتبر مطلقا.
وأما المنافع النادرة للشئ فإنها لا توجب ماليته، فكيف يقال باعتبار قصدها في صحة بيعه ولا نظن أن أحدا يلتزم بمالية الكوز المصنوع من الطين المتنجس بلحاظ الانتفاع بخزفه في البناء، على أنه لا دليل على اعتبار أصل القصد وجودا وعدما في صحة البيع.
قوله: نعم يشترط عدم اشتراط المنفعة المحرمة.
أقول: أشار به إلى الوجه الثالث، ويرد عليه: أن مالية الأشياء قائمة بها بما لها من المنافع حسب رغبات العقلاء، إذ الرغبة فيها لا تكون إلا لأجل منافعها، فالمنافع المترتبة عليها من قبيل الجهات التعليلية، بمعنى أن رغبة العقلاء فيها ليس إلا لأجل منافعها الموجودة فيها، وحينئذ فبذل المال إنما هو بإزاء نفس العين فقط، وعلة ذلك البذل هي المنافع.
وعليه فلو قصد البايع المنفعة المحرمة لم يلزم منه بطلان البيع فقد