عرفت أن مالية الأشياء قائمة بذواتها وأن المنافع المترتبة عليها من قبيل العلل والدواعي، فحرمة بعض المنافع لا توجب حرمة المعاملة على الأشياء إذا كانت حلالا بلحاظ المنافع الأخر، ومثال ذلك صحة بيع العنب ممن يجعله خمرا، وسيأتي البحث فيه.
وبعبارة واضحة الثمن أنما يقع بإزاء العين دون المنافع، غاية الأمر أن ترتب المنفعة عليها غاية للشراء وداع إليه، فحرمة المنفعة المشروطة عليه لا توجب بطلان البيع ما لم يكن الثمن بإزائها.
ومما يدلنا على ذلك أنه إذا استوفى المشتري منافع المال الأخرى غير هذه التي اشترطت عليه في البيع أو التي انصرف إليها الاطلاق لم يبطل البيع، ولا يكون هذا التصرف منه بغير استحقاق.
ومما ذكرناه تجلى أن أكل الثمن في مقابله ليس أكلا للمال بالباطل كما في المتن، فإنه مضافا إلى ما تقدم من كون الآية أجنبية عن شرائط العوضين، وإنما هي ناظرة إلى حصر المعاملات الصحيحة بالتجارة عن تراض وناهية عن الأسباب الباطلة لها، أن اشتراط المنفعة المحرمة لا يوجب كون الثمن بإزائها لكي يكون أكل المال في مقابلها أكلا له بالباطل، إذ الشروط لا تقابل بالثمن، وسيأتي ذلك في مبحث الشروط إن شاء الله.
قوله: وإلا فسد العقد بفساد الشرط.
أقول: يرد عليه أن العقد لا يفسد باشتراط الشرط الفاسد فيه، وقد اختاره المصنف في باب الشروط، والوجه فيه أن الالتزام الشرطي أمر آخر وراء الالتزام العقدي فلا يستلزم فساده فساد العقد، وعليه فلا وجه للالتزام ببطلان العقد في المقام باشتراط المنفعة المحرمة فيه، لأنه من صغريات الكبرى المذكورة.