قوله: والذي ينبغي أن يقال إنه لا اشكال في وجوب الاعلام.
أقول: ظاهر كلامه أنا إذا اعتبرنا الشرط السابق في بيع الدهن المتنجس فلا مناص لنا عن القول بوجوب الاعلام بنجاسته لتوقف قصد الاستصباح أو اشتراطه على العلم بها وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر.
وفيه: أن كلا من الأمرين مستقل بنفسه لا يرتبط بالآخر، نعم قد يجتمعان لما عرفته من النسبة المذكورة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه ربما يقال بأن الاعلام بنجاسة الدهن واجب شرطي للبيع، لقوله (عليه السلام) في رواية أبي بصير: وأعلمهم إذا بعته، وفيه: أن ظهور الرواية في ذلك وإن كان لا ينكر ولكن يجب رفع اليد عنه لقوله (عليه السلام) في رواية إسماعيل: أما الزيت فلا تبعه إلا لمن تبين له، وقوله (عليه السلام) في رواية ابن وهب: بعه وبينه لمن اشتراه ليستصبح به، إذ الأمر بالبيان فيهما ظاهر في الوجوب النفسي، ولا يجوز المصير إلى إرادة الوجوب الشرطي منه إلا بالقرينة، وهي هنا منتفية، وهكذا الحال في مطلق الأوامر.
على أنا وإن قلنا بظهور الأمر بالبيان في الوجوب الشرطي ابتداء، فإن رواية ابن وهب ظاهرة في الوجوب النفسي لوجهين:
1 - أن الظاهر من قوله (عليه السلام) فيها: بعه وبينه لمن اشتراه، أن الاعلام بالنجاسة إنما هو بعد وقوع البيع وتحققه، كما يقتضيه التعبير بالماضي بقوله (عليه السلام): لمن اشتراه، ومن الواضح جدا أن البيان بعد البيع لا يكون من شرائطه إلا بنحو الشرط المتأخر، وهو في نفسه وإن كان جائزا كما حقق في علم الأصول ولكن لم يقل به أحد في المقام، وعليه فلا محيص عن إرادة الوجوب النفسي من الأمر بالبيان في الرواية، إذ ليس فيها احتمال ثالث.