قوله: بل يمكن القول بالبطلان بمجرد القصد وإن لم يشترط في متن العقد.
أقول: يرد عليه ما ذكرناه سابقا، من أن بذل المال إنما هو بإزاء نفس العين، والمنافع المترتبة عليها من قبيل الجهات التعليلية، ثم لنسلم أنا قد التزمنا ببطلان العقد باشتراط المنفعة المحرمة فلا مجال للالتزام بالبطلان بمجرد القصد بعد ما لم يكن مذكورا في العقد، إذ لا عبرة بالقصد الساذج إذا لم يكن شرطا في ضمن العقد.
وقد انجلى مما حققناه بطلان سائر الوجوه والأقوال بأجمعها، هذا كله بحسب ما تقتضيه القواعد.
وأما بحسب الروايات، فقد يقال بلزوم قصد الاستصباح في بيع ذلك الدهن، لقول الصادق (عليه السلام) في رواية ابن وهب: بعه وبينه لمن اشتراه ليستصبح به، ولقوله (عليه السلام) في رواية إسماعيل بن عبد الخالق: أما الزيت فلا تبعه إلا لمن تبين له فيبتاع للسراج، فإنهما ظاهرتان في تقييد جواز البيع بقصد الاستصباح، بل بالغ بعضهم وقال: إن الرواية الثانية صريحة في ذلك، بدعوى حصر جواز البيع فيها بصورة الشراء للاسراج فقط.
وفيه أولا: أن الرواية الثانية ضعيفة السند كما تقدم.
وثانيا: أن الظهور البدوي في الروايتين وإن كان ذلك، ولكن الذي يظهر بعد التأمل في مدلولهما هو أن الاستصباح والاسراج من فوائد التبيين ومتفرعاته، وقد أخذ غاية لذلك لكي لا يقع المشتري في محذور النجاسة باستعماله الدهن المتنجس فيما هو مشروط بالطهارة كالأكل ونحوه، إذن فلا دلالة في الروايتين على أن اعتبار قصد الاستصباح من شرائط البيع.
وثالثا: أن التوهم المذكور مبني على جعل الأمر بالبيان في الروايتين