قوله: وجعل هذا من المستثنى عن بيع الأعيان النجسة.
أقول: حاصل كلامه أن مسألة المعاوضة على الدهن للاستصباح إنما يمكن جعلها من المستثنى من حرمة بيع الأعيان النجسة، إذا قلنا بحرمة الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدليل، أو قلنا بحرمة بيع المتنجس وإن جاز الانتفاع به منفعة محللة مقصودة، وإلا فيكون الاستثناء منقطعا لعدم دخول بيع الدهن المتنجس ولا غيره من المتنجسات القابلة للانتفاع بها في المستثنى منه، وقد تقدم أن المنع عن بيع النجس فضلا عن المتنجس ليس إلا من حيث حرمة المنفعة المقصودة، فإذا فرض حلها فلا مانع من البيع.
وفيه أولا: أنه قد تقدم مرارا عديدة أن النجاسة بما هي نجاسة لا تمنع عن البيع إلا إذا استلزمت حرمة الانتفاع بالنجس من جميع الجهات، وقد اعترف المصنف هنا وفي مسألة بيع الميتة الحكم الأول، وقد تقدم أيضا أن النجاسة لا تمنع عن الانتفاع بالنجس لو كان له نفع محلل.
بل وستعرف أن مقتضى الأصل إنما هو جواز الانتفاع بالأعيان النجسة فضلا عن المتنجسات، وإذن فلا مناص عن كون الاستثناء منقطعا لا متصلا.
وثانيا: أنا لا نعرف وجها لابتناء كون الاستثناء متصلا على حرمة الانتفاع بالمتنجس، إذ العنوان في المستثنى والمستثنى منه إنما هو حرمة بيع النجس أو المتنجس من حيث هما كذلك، ولم يقيد بحرمة الانتفاع بهما.
نعم يجوز تعليل جواز البيع أو حرمته بجواز الانتفاع بهما أو حرمته، وعليه فتكون حرمة الانتفاع بهما من علل التشريع لحرمة بيعهما ومن قبيل الواسطة في الثبوت لذلك.