ثم إن العصير إذا غلى بنفسه حكم بنجاسته بمجرد ظهور النشيش فيه عند بعض القدماء، وقد شيد أركان هذا القول البطل البحاثة شيخ الشريعة (رحمه الله) في رسالته العصيرية، وتبعه جملة ممن تأخر عنه، وعلى هذا فلا تحصل الطهارة والحلية فيه إلا بصيرورته خلا.
ويمكن تأييد هذا القول برواية الكلبي النسابة المتقدمة في بيع النبيذ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن النبيذ، فقال: حلال، قلت: أنا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوي ذلك، فقال (عليه السلام): شه شه تلك الخمرة المنتنة (1).
وقد كنا نجزم بذلك القول في سالف الأيام ثم عدلنا عنه، وتحقيق الحق في محله.
وإن كان غليانه بالنار فهو محل الكلام في المقام ومورد النقض والابرام، من جهة طهارته وعدمها، وجواز شربه وبيعه وعدمهما، وفصل بعضهم بين العصير العنبي والتمري وحكم بنجاسة الأول وطهارة الثاني، وتحقيق ذلك وتفصيله في كتاب الطهارة.
ووجهة الكلام هنا في خصوص البيع فقط، والظاهر جوازه، ولنمهد لبيان ذلك مقدمة، وهي أنه:
لا اشكال في أن العصير العنبي سواء غلى أم لم يغل من الأموال المهمة في نظر الشارع والعرف.
وعليه فلو أتلفه أحد ضمن قيمته لمالكه، كما لو أغلاه الغاصب فإنه يضمنه بنقصان قيمته، إذا كان الغليان موجبا للنقص، كأن أخذ للتداوي