وكاحتمال أن الأمر بالاشتراء للدلال ليشتري منه الآمر.
ومعلوم أنه على الاحتمال الأول يحرم الربح; لأنه ربا محرم.
وعلى الاحتمال الأخير يكون البيع الثاني بيع مرابحة، وهو صحيح، والربح حلال.
فقوله (عليه السلام): «أليس إن شاء ترك» استفصال عن أن البيع كان للآمر بأمره، فحينئذ ليس له الاختيار في الترك والأخذ، بل لا بد له من الأخذ، أو كان للدلال، فللآمر أن يأخذ ويترك.
فأجاب: بأن له ذلك; أي كان البيع للدلال.
فأجاب (عليه السلام): بأنه «لا بأس به...».
وهنا احتمال آخر، وهو أن البيع للدلال، لكن لما أمره بالاشتراء ووعده بالربح، ألزمه الدلال بالاشتراء منه وإعطاء الربح، فكان البيع مكرها عليه باطلا، وحرم الربح.
أما الاحتمال المتقدم الذي يكون به محط الاستدلال، ففي غاية البعد والسقوط; لعدم شاهد له فيها، إلا أن يراد بالاشتراء البيع، وبالترك والأخذ الرد والقبول، ولما كان ذلك في الأصيل، يكون كناية عن بطلان البيع رأسا ودليلا على حلية الربح في المعاملة بعد التملك، وهو كما ترى.
ولو سلم ذلك، لكن دلالتها في هذا الاحتمال على بطلان البيع قبل التملك، تبتني على أن يكون المراد بقوله: «اربحك كذا وكذا» هو الإرباح في البيع منه بأكثر من قيمته السوقية; لتكون الزيادة ربحا.
مثلا: اشترى من الدلال الثوب الخاص بعشرين، مع كون قيمته في السوق عشرة، فاشترى الدلال بعشرة من كيسه فسلم إليه، فأخذ العشرين بعد وجدانه، ففي هذا الفرض لو أجاب: بحرمة الربح، لم يكن لها وجه إلا بطلان البيع