المعاملة.
وقوله تعالى: (أوفوا بالعقود) ليس حكما تكليفيا زائدا على لزوم العمل على طبق المعاملة، ورد مال الغير الذي صار ماله من قبل العقد، وإنما هو حكم إرشادي لا مولوي، وإلا لزمت منه صحة العقوبتين لمن ترك العمل بالعقد:
عقوبة عدم رد مال الغير، وعقوبة عدم الوفاء بالعقد، وإن كان العنوانان حاصلين بعمل واحد، واجتمعا في الرد الخارجي، ولا أظن صحة الالتزام بذلك والتزامهم به.
والإنصاف: أن ما ذكره المتأخرون أمور عقلية، خارجة عن المتفاهم العرفي الذي هو الميزان في باب المعاملات.
ثم إنه على المبنى المنصور - من أن البيع هو التبادل، أو التمليك بالعوض - لو أنشأ الموجب ذلك فرد القابل، لا يوجب ذلك هدم الإنشاء لا عرفا، ولا عقلا، ولا شرعا، فله القبول بعد رده، وكذا لو رد الموجب; إذ لا دليل على سقوط إنشائه، فالقاعدة تقتضي صحته لو رجع، إلا أن يقوم إجماع على خلافها، أو يحرز من العرف والعقلاء أن رجوع الموجب يوجب عدم اعتبار بقاء إيجابه، والعهدة على مدعيه.
ولو شك في ذلك يجري استصحاب بقاء الإيجاب، فإذا لحقه القبول، يندرج في موضوع وجوب الوفاء; لأن موضوعه مركب من الإيجاب والقبول، وهو حاصل بالأصل والوجدان.
نعم; لو كان موضوعه العقد، وقلنا إنه أمر انتزاعي من الإيجاب والقبول، لكان الأصل مثبتا; هذا حال الإيجاب والقبول.
وأما الدعوى الثانية: فالظاهر عدم صحتها، ومقتضى القاعدة عدم كون الرد مضرا بها على جميع المباني; لأن العقد وجد بفعل الفضولي، أي بإرادته