والمعاهدة والمعاقدة.
نعم، بعد التبادل وتمامية المعاملة، وصيرورة كل من العوضين ملكا للآخر، يرى العقلاء عهدة أداء كل مال صاحبه، والعهدة للأداء من أحكام المعاملة لا نفسها.
والتحقيق: أن العقد في (أوفوا بالعقود) عبارة عن الربط الاعتباري الحاصل من التبادل الاعتباري، فكأنه عقدة حاصلة من الإنشاء، كما يشهد به قوله تعالى: (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) (1).
فعقدة البيع كعقدة النكاح، فهي عبارة عن تبادل العوضين، الذي يتوهم منه حصول عقدة بتبادل الإضافات، ولما كان العقد موجبا لصيرورة العوضين متبادلين، وكان لكل منهما عهدة أداء مال صاحبه بواسطة العقد، توجه الأمر بوجوب الوفاء به والعمل على طبق مضمونه.
فقوله تعالى: (أوفوا بالعقود) و (أحل الله البيع) و (تجارة عن تراض) كلها وردت لتصحيح المعاملات وإنفاذها، كما تمسك بها السلف والخلف، لكن لسانها مختلف:
ف (أحل الله البيع) ظاهر في إنفاذ أصل الماهية، وإن شئت قلت: يدل بالمطابقة على نفوذها وحليتها.
و (أوفوا بالعقود) ناظر إلى مضمونها، وأمر بالوفاء بها، ولازمه صحتها ونفوذها، فيدل عليها بالالتزام.
وقوله تعالى: (تجارة عن تراض) ناظر إلى الأموال الحاصلة بالتجارة، وحل أكلها والتصرف فيها، فيدل بالالتزام على صيرورة المال ماله وصحة