فإن التعبير بحتى التي جاءت لبيان الغاية، قد أظهر.. أن تقلبه في الأنبياء قد استمر من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه.. ولا يتناسب هذا التعبير مع إرادة الموجبة الجزئية..
7 - إن من الواضح: أن النبوة لها حالاتها، فهناك نبي مرسل إلى الأمة وهناك من أرسل إلى قوم، وإلى عشيرة، وإلى حي، وقد يكون نبيا يكلمه الملك، ويخبره عن الله، وليس مرسلا لأحد.. بل يعيش هو حالة الصلاح في نفسه، ويكون الكمال المتجسد الذي يرى فيه الناس - دون أن يكون مأمورا بشيء تجاههم - الإنسان الإلهي المتوازن، والمرضي في كل حالاته.. فيهيؤهم ذلك لأجواء الإيمان، ويثير في فطرتهم كوامن الخير والصلاح، والإيمان والتقوى..
وعلى هذا الأساس، فلا ضير في أن يكون جميع آباء النبي الذين خرج من أصلابهم أنبياء إلى آدم، وإن لم تكن لهم دعوة، ولا رسالة تختص بهم، فيكون عبد الله والد النبي (صلى الله عليه وآله)، وعبد المطلب وكذلك آباؤه جميعا لهم هذه الصفة، وإن اختلفت مقاماتهم، ومهماتهم.. حسبما ذكرنا.
8 - ويؤيد ذلك أيضا: ما ورد من أن الأرض لا تخلو من حجة، إما ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ومن أولى من آباء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا المقام؟!
9 - ويبقى إجماع شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، الذي لم يقبل هذا البعض بأن يكون تعبديا، لأن من المحتمل أن يكون مستندهم فيه هو أدلة الشيخ المفيد..
ونقول:
إن حديثه عن تعبدية الإجماع هنا غريب وعجيب، فإن هذا الإجماع ليس على حكم شرعي، ليوصف بالتعبدية تارة وتنفى عنه أخرى.. بل هو إجماع يكشف لنا عن أن هذا الأمر الذي لا يعرف إلا من أهله ولا طريق إلى معرفته بالعقل، قد قرره أهله وهم الأئمة الطاهرون المعصومون، وتحدثوا عنه وذكروه للناس وصرحوا به، وقالوا: إن آباء النبي كلهم مؤمنون من آدم (عليه السلام) إلى عبد الله أبي رسول الله (ص)، لأن العلماء لا يقولون ذلك من عند أنفسهم، فهو علم من ذي علم.
وواضح أن من يريد التعرف على أي مذهب، فإنه يرجع إلى الأتباع الذين هم أعرف بقول إمامهم.
أضف إلى ما تقدم: أنه لو كان الإجماع تعبديا للزم أن يكون الإجماع على