فالسماء الدنيا إذن أوسع مما نظن، وربما تصل امتداداتها إلى ما لا يعلم من السنين الضوئية، إذا كان ثمة كواكب ونجوم يمكن أن يصل ضوؤها إلينا، ونصير قادرين على رؤيتها. وأصبحت تزين هذه السماء، وتعطيها المزيد من الرواء والبهجة والبهاء.
فإذا كان هذا حال السماء الدنيا والقريبة، فما حال سائر السماوات: الثانية، ثم الثالثة، وهكذا إلى السابعة؟!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى حقيقة علمية أخرى تباريه وتجاريه، وهي: أن السماء في اتساع مستمر، كما قال تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) (1).
ثم إنه تعالى قد قرر في آية أخرى: أن هذا الإنسان قادر على اختراق جميع السماوات، والخروج منها جميعا إلى عالم جديد، لم يبين ما هو، وما هي طبيعته، وآفاقه، وامتداداته. غير أنه أشار إلى أن هذا الاختراق سيواجه بصعوبات وموانع كبيرة وخطيرة، لن يمكن التغلب عليها إلا بالإعداد، والحصول على القوة، وامتلاك قدرات فائقة وكبيرة.
ثم بين لنا طبيعة هذه الحواجز والعوائق ونوعها، ليفهمنا بأسلوب (بيان الواقع بتفاصيله): أن الكلام ليس مسوقا على سبيل الفرض والإدعاء بهدف التعجيز، بل هو الحقيقة التي لا بد أن تقع في دائرة طموحات هذا الإنسان، وفي متناول أطماعه حين يريد الله له أن يفتح عينيه على هذا الكون الرحيب، ويثير شهيته للتعامل معه، وللتسلط والهيمنة عليه.
وقد أشار تعالى إلى ذلك كله في الآية الكريمة التي تقول: (يا معشر الجن والإنس، إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان. فبأي آلاء ربكما تكذبان؟ يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) (2).
ثم قدم نموذجا عمليا لإمكان هذا الاختراق لآفاق السماوات، وحدوثه بالفعل، وذلك في قضية المعراج برسول الله (ص). وهي قضية مسلمة عند المسلمين.