أولى) من وجوه، بل يبعد القول بأن فيها الدية كاملة وإذا اقتص تجزؤه عين واحد بلا رد.
وعن أبي علي تخيير الجاني (1) بين قلع عيني صاحبه ودفع خمسمأة دينار وقلع إحداهما وأخذ ذلك، وهو مع شذوذه وعدم وضوح مستنده ومخالفته لظاهر النص السابق غريب، فإن العينين إما أن تساويا عينه فلا رد وإلا فلا قلع.
ونحوه ما في المسالك من أن (القول الأول لا يخلو من قوة، والرواية تصلح شاهدا مؤيدا بوجوب الدية لهذه الجناية كاملة على تقدير الخطأ) ضرورة صراحتها في القصاص، فمع فرض كونها صالحة دليلا فهي حجة فيه، وإلا فلا فيهما معا.
وفرق واضح بين الرد من الأنثى للاقتصاص من الذكر في الشئ الواحد لا في الاثنين بواحد باعتبار أنها نصف الرجل وبين المقام، ولذا لو اقتص للرجل منها لم يكن له أزيد من الطرف الواحد بالآخر كما هو واضح.
ثم إن الظاهر كون التخيير للأعور بين أخذ الدية كاملة وبين القصاص بإحدى العينين وأخذ نصف الدية، كما صرح به غير واحد، بل قيل:
إنه المشهور بين المتقدمين حتى كاد أن يكون إجماعا منهم، بل عن الخلاف الاجماع عليه، وهو الحجة بعد ظهور الخبرين (2) في ذلك الذي لا داعي إلى حمله على التراضي إلا ما سمعته في قصاص النفس من كون الواجب القود وأنه لا تجب الدية إلا صلحا الذي يمكن تخصيصه بما عرفت، بل قد يقال بذلك في مطلق قصاص الطرف، لتضمن كثير من نصوصه التخيير المزبور الذي لا داعي إلى حمله على صورة التراضي، فلاحظ وتأمل.