ولعل أقواها الأخير، فلو اقتص المتأخر حينئذ بلا قرعة لم يكن عليه إساءة ولا تعزير بخلافه على الأولين، وذلك ثمرة الوجوه، إذ لا شئ عليه غيرها قطعا، ضرورة استيفائه حقه، فإن احتمال استحقاق القصاص للأول منهم دون غيره أو لمن أخرجته القرعة كذلك معلوم العدم نصا (1) وفتوى.
وحينئذ (فإن استوفى الأول) مثلا لسبقه أو بالقرعة أو لمبادرته (سقط حق الباقين لا إلى بدل) كما عن الشيخين وبني حمزة والبراج وسعيد وإدريس والشهيد، بل عن المبسوط والخلاف الاجماع عليه، لأن الواجب القصاص عندنا وقد فات محله، والدية لا تجب إلا صلحا، والفرض عدمه، وثبوتها في من قتل وهرب ومات وفي من خلصه أولياء المقتول لدليله، فلا يقاس عليه ذلك، وليس المقام من اشتراك الأولياء في القصاص المقتضي لضمان المستوفي حصص الباقين كما عرفت، ضرورة استحقاق كل منهم القصاص مستقلا لا مدخلية له في الآخر كما هو واضح. ولكن قال المصنف على تردد.
بل عن أبي علي والفاضل في الارشاد وموضع من القواعد وولده في موضعين من الإيضاح والمقداد أن لغيره الدية، لأن الجاني قد أتلف على كل واحد منهم نفسا كاملة لا تعلق لها بباقي النفوس المتلفة وإنما يملك الجاني بدلا واحدا، فكان لمن لم يقتص الدية، لتعذر البدل، ولئلا يبطل دم امرء مسلم، ولفحوى ما تسمعه لو قتله أجنبي أو مات، ولأن الولي لو انفرد كان له القصاص أو العفو على الدية.
وفيه أنه وإن كان قد أتلف على كل واحد منهم نفسا كاملة إلا أنه لم يرتب الشارع عليه غير بذل نفسه، لأن الجاني لا يجني على أكثر منها،