هو مقتضى ما سمعته سابقا من النص والفتوى وأن من مخالفتها للقواعد ثبوت الحق بيمين آخر وإن لم يكن شريكا معه فيه بناء على الاكتفاء بقسامة القوم دونه فالمتجه حينئذ عدم احتياج الغائب إلى يمين مع فرض تصديقه الحاضر، لحصول الخمسين المثبتة للحق في نفسه وإن كانت هي كذلك في حق خصوص المدعي دون غيره، فالمتجه حينئذ حلف الآخر تمام الخمسين، لعدم مدخلية ما وقع من الأول في إثبات حقه، وأن ما وقع منه مقدمة منه ليأخذ نصيبه، إذ لو حلف بعضا منها ولو أكثرها لم يثبت الحق، ضرورة اتفاق النص والفتوى على أن المثبت تمامها دون البعض، فلا تكفي الخمس وعشرون للثاني، كما لم تكن تكفي الأول.
واحتمال الفرق أن إلزام الأول بالخمسين لاحتمال عدم حلف الآخر وعدم دعواه، فتوقف إثبات نصيبه على تمام القسامة، بخلاف الثاني الذي قد سبقه الأول بتمام القسامة إلا أنه قد كان لاثبات نصيبه فليس على الغائب إلا المقدار الذي عليه لو كان حاضرا مع الأول كما ترى مناف لما يظهر من نصوص القسامة، بل وما سلف من الفتاوى من أنها متى حصلت ثبت الحق لأهله من غير فرق بين الحالف منهم وغيره مع فرض كونه مدعيا، وأنه لا يعتبر فيها حصول الأيمان منهم موزعة عليهم على قدر نصيبهم على وجه إن لم يحصل اليمين من بعضهم على قدر استحقاقه لم يثبت له حق ولا أن كل ذي حق منهم يحلف تمام الخمسين على وجه تبلغ ألف يمين أو أزيد الذي يمكن القطع بعدمه من النصوص والفتاوى.
ومن هنا احتمل الأردبيلي الاكتفاء بقسامة الحاضر في حق الغائب، ولكن احتمل مع ذلك إلزامه بتمام الخمسين لاثبات حقه كالحاضر، ولعله لأن دعواه غير دعوى الأول، فلا بد له من الحلف تمام الخمسين كالأول، إذ لا قسامة مثبتة للحق دون ذلك وإن كان في الأخير منافاة أيضا لما سمعته.