تكاليف وأحكام زائدة على القدر المعلوم، لا الدليل الظني، ولو تمسك له بدليل ظني، يمنع الخصم حجيته، إذ لم يثبت بعد حجية مطلق الظن أو الظن المخصوص، وإلا لم يكن محتاجا إلى هذا القيل والقال.
فالحكم ببقاء أحكام اخر غير المعلومات في هذا المقام يحتاج إلى دليل علمي، ولا مستند علمي له أصلا من الشرع، ولا من العقل أما من الشرع: فلان الدليل القطعي الشرعي في هذه الأزمان لا يكون إلا اية محكمة من الكتاب، أو خبر متواتر، أو محفوف بالقرينة المفيدة للقطع، أو الاجماع القطعي، ولا دلالة لشئ منها على ذلك المطلب.
أما الكتاب: فمعلوم، بل تدل مواضع عديدة منه على خلاف ذلك، مثل قوله سبحانه (لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها) 1 والآيتان حقيقة في اليقين، إذ لا يعلم في غير اليقيني أنه مما قال الله سبحانه: وأتى به وقوله تعالى: (فجعلتم منه حراما وحلالا قل أألله أذن لكم أم على الله تفترون) 2 قصر سبحانه مستند الحكم بالحلية والحرمة على الاذن والافتراء على الله، فما لم يوجد فيه الاذن - الذي هو العلم بالرخصة - لا يكون حكما لله سبحانه، بل يكون محض الافتراء عليه وقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) 3 وقوله عز شأنه: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) 4 إلى غير ذلك وأما الاخبار: فمن الأمور الواضحة أنه ليس في هذه الأزمان خبر متواتر، أو محفوف بالقرينة العلمية على مطلب، والآحاد منها كما ذكر لا تفيد في المقام، مع أن الآحاد منها دالة على خلاف مطلوبهم.