منها، وبه يعلم الحرمة والنجاسة. فلا تجري في المورد عمومات الحلية والطهارة، ولا يجدي تعارض ذلك مع أصالة الحلية والطهارة الذي هو منشأ توهم جماعة وعدم تمسكهم بأصالة عدم التذكية; لأن الأصل الأول وهو عدم التذكية الثابت بالأصل، والاستصحاب الذي هو مستند شرعي، مزيل لاستصحاب الحلية والطهارة وأصالتهما، ولا عكس.
فإن الحلية - مثلا - غير مزيلة للأعدام الثابتة لكل فعل من أفعال التذكية، كما يعلم تحقيقه مما ذكرناه في بيان حال تعارض الاستصحابين، وبيان الاستصحاب المزيل وغير المزيل في هذا الكتاب، وغيره (1).
ويدل على ذلك الأصل أيضا: الأخبار المعتبرة المستفيضة، بل المتواترة معنى، كصحيحة سليمان بن خالد، عن الرمية يجدها صاحبها أيأكلها؟ قال: (إن كان يعلم أن رميته هي التي قتلته، فليأكل من ذلك إن كان قد سمى) (2).
وموثقة سماعة، وفيها: (إن علم أنه أصابه وأن سهمه هو الذي قتله، فليأكل منه، وإلا فلا يأكل منه) (3).
وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن قوم أرسلوا كلابهم، إلى أن قال: (لا تأكل منه; لأنك لا تدري أخذه معلم أم لا) (4).
وفي صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام في صيد وجد فيه سهم وهو ميت لا يدرى من قتله، قال:
لا تطعمه) (5).
وفي رواية زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إذا رميت فوجدته وليس به