المقررة، فكل حيوان مما ذكر - صيد أو ذبح - كذلك يكون بمقتضى الاستصحاب المذكور طاهرا فيكون مذكى، وهو المراد بقبول التذكية.
والحاصل: أنا لا نقول: إن الطهارة هنا أمر حصوله يتوقف على تذكية جعلية من الشارع، بل يقال: إن الطهارة الحاصلة أمر محكوم ببقائها إلا إذا علم المزيل، ولم يعلم إلا مع الموت حتف أنفه، أو الموت بدون الصيد أو الذبح المقرونين بآدابهما وشروطهما المعهودة، ومع أحد الأمرين لا يعلم ارتفاع الطهارة، فيحكم ببقائها من غير حاجة إلى جعل من الشارع وتأثير من ذلك الجعل.
والحاصل: أن مع تلك الأفعال المقطوع حصولها ليس دليل على ارتفاع الطهارة.
ولكن الإنصاف: أنه لا يخلو عن جدل واعتساف; لأن الظاهر أنه انعقد الإجماع القطعي على أن التذكية المبقية للطهارة، المانعة عن حصول النجاسة، المخرجة للمذكى عن مصداق الميتة، هي التي اعتبرها الشارع ورتب عليها تلك الآثار، وأن إبقائها ومنعها موقوف على اعتبار الشارع إياها آثارا، أو أجزاءا، وشرائطا، وموردا، ومحلا، خصوصا أو عموما أو إطلاقا، وما لم يتحقق فيه اعتباره وملاحظته، فوجوده كعدمه، ومع عدمه يكون المورد ميتة، ومعها يكون نجسا.
ويظهر من ذلك: أن الأصل بذلك المعنى في جميع الموارد عدم قبول التذكية إلا بدليل شرعي عام أو خاص، كما في مأكول اللحم والسباع.