وهذا غير محتمل; لليقين باختصاص الحكم الأول بالموضوع الأول، فما علم أولا - وهو حكم الشارع بالوجوب مثلا في الزمان الأول - منتف في الثاني، فلا يمكن استصحابه.
وإن شئت توضيح ذلك فنقول: إذا قال الشارع: الولاية ثابتة على الصغير، نقول: إن الابن الصغير لزيد مولى عليه; لان الشارع قال: الولاية ثابتة على الصغير، وهذا من أفراده، ثم إذا صار كبيرا نقول: لا يمكن الاستصحاب; لأنا نعلم أن حكم الشارع منتف في حق الكبير، وهذا من أفراده، وما علم انتفاء حكمه فيه لا يجري فيه الاستصحاب; لأنه في موضع الشك في الحكم وعدمه.
لا يقال: لا يعلم انتفاء حكم الشارع في حق الكبير، بل يعلم ثبوته، لحكمه بالاستصحاب.
قلنا: الكلام بعد في صحة الاستصحاب وعدمه، ونحن نقول: لا يصح الاستصحاب; لأنه قال: (بل ينقضه يقين آخر)، ولنا هنا يقين آخر، وهو عدم الحكم في حق الكبير، فكيف يحكم بثبوت الحكم فيه؟! وأي فرق بين قوله:
لا حكم للكبير فيه، وبين قوله: الولاية على الصغير، في العلم بانتفاء الحكم في الكبير؟ أي انتفاء أصل الحكم لا انتفاء خصوص الولاية. وهذا مراد من استدل لاشتراط عدم تغير الموضوع: بأن المتبادر من إثبات حكم لموضوع خاص شرطية ذلك الموضوع في ثبوته ولازمه انتفاء المشروط بانتفاء الشرط.
وغرضه أن المتبادر شرطية الموضوع في أصل الحكم، فمع انتفائه لا حكم، لا بما حكم فيه في الأول ولا بخلافه، لا أن المتبادر شرطية الموضوع في ثبوت ما حكم به في الأول حتى يدل على انتفائه، فيعارض دليل ثبوت الحكم في الثاني.
فالمتبادر من قوله: (الولاية ثابتة على الصغير: أن الصغر شرط في كونه محكوما بحكم، فإذا انتفى الصغر انتفى حكم الشارع بهذا الحكم الذي إبقاؤه هو الاستصحاب; لا أنه شرط في ثبوت الولاية، فإذا انتفى الصغر انتفت الولاية، ولو كان مراده هذا المعنى لم يصح إلا على حجيته مفهوم اللقب.