صرح به شيخنا الأقدم الشيخ المفيد، ناقلا عن بعض مشايخه (1).
وطريق علمنا بذلك طريق علمنا ببقاء التكاليف، والخروج من الدين، والعدول عن سيرة العلماء الراسخين، برفع اليد عنها.
ويبينه: أنا نرى أصحاب أئمتنا ومن يليهم من علمائنا المتقدمين وفقهائنا المتأخرين ورواة الأخبار وحكاة الآثار من عهد أول الحجج إلى زماننا هذا، يعملون بالأخبار الآحاد من تلك الأخبار المدونة في كتب الأصحاب، ويجعلونها أدلة للأحكام الشرعية، من الموجودين في زمان المعصومين واللاحقين لهم في زمان الغيبتين إلى زماننا هذا.
حتى أن قديم الأصحاب وحديثهم إذا طولبوا بصحة ما أفتوا به، عولوا على تلك الأخبار المنقولة في أصولهم المعتمدة، ويسلم لهم خصمهم.
وكذا ترى أنه وقع الاختلاف بينهم بحسب اختلاف الأحاديث، وهذا شاهد صدق على أن عملهم كان بتلك الأخبار.
ونراهم شديد الاهتمام بضبط الأحاديث وتدوينها، حتى سطروا الأساطير، وملأوا الطوامير، ودونوا فيها كتبا وأصولا، واستعملوا في تقسيمها أبوابا وفصولا.
وقل من مشاهير أصحاب الأئمة وعدولهم من لم يكن له أصل أو كتاب جمع فيه أحاديث الأطهار، حتى أن أربعمائة من أصحاب الصادقين عليهما السلام جمعوا أربعمائة أصل، اشتهر ذكرها في الأقطار.
ولم يوجد من علماء الأمة وفحولهم من لم يصرف برهة من عمره في تأليف كتاب جمع فيها متفرقات الأخبار وقد بذلوا سعيهم في نشره وترويجه، حتى أنه ما سمع أحد منهم حديثا إلا أسمعه غيره، ونقله له قولا أو كتابة، قراءة أو إجازة، حيث إن أكثرها