المعصومين عليه السلام إلى زماننا هذا به عاملين، وبه محتجين، جيلا بعد جيل، وطبقة عقيب طبقة، من غير تخصيص بزمان أو حالة، بل يمكن ادعاء الضرورة على ذلك.
لا يقال: إن السيد ومتابعيه قد عملوا بتلك الأخبار لأجل انضمام القرائن إليها، وهي الموجبة لحجيتها، فاللازم حجيتها لمن وجدت له القرينة.
قلنا أولا: إنا لا نحتاج في إثبات الإجماع إلى موافقة السيد وتابعيه، بل العلم بالإجماع حاصل من غير جهته ومع قطع النظر عنه، لانقطاع عصرهم وحكم الحدس به لولاهم أيضا.
وثانيا: إنا نعلم علما قطعيا أنه لم ينضم إلى تلك الأخبار في عصر السيد وموافقيه قرائن مفيدة للعلم القطعي بصحة تلك الأخبار، لفقدانها في زمن المعصومين أيضا، بل المراد ما يحصل به الاطمئنان للنفس، من القرائن التي توجد لنا أيضا من وجود الخبر في أصل معتبر، أو كون رواته من العدول الثقات، أو الموافقة لعمل جمع من الأصحاب، إلى غير ذلك.
بل يمكن أن يكون المراد بالصحة - التي صرح السيد بأن هذه الأخبار مقطوعة على صحتها - هو ذلك المعنى، وقد صرح بذلك بعض مشايخنا المحققين، قال في رسالته في الاجتهاد والأخبار، بعد نقل عبارة السيد المتقدمة: الظاهر أن فحوى الكتاب وأمثاله عند السيد من جملة تلك الأمارات، بل لا تأمل فيه - كما لا يخفى على المطلع المتأمل - ولا خفاء في كونها ظنية (1). انتهى.
وثالثا: إن كل ما ذكرنا ونذكره - بطوله وتفصيله - أيضا قرائن لنا، منضمة مع تلك الأخبار، موجبة للقطع بحجيتها ولو في الجملة. فإنا قد ذكرنا لك: أن مقصودنا ليس حجية الخبر الواحد من حيث هو خبر واحد، بل الغرض حجية تلك الأخبار التي في كتبنا المعتبرة.