قلنا: إن كان الحكم الجواز فثبت المطلوب.
فإن قلت: يلزم التكليف بما لا يطاق إذا لم يمكن الاحتياط.
قلنا: هو هنا غير ممكن; لدوران الأمر بين الوجوب والتحريم، سلمنا الإمكان، لكن نقول: هل يجوز ترك الاحتياط أو لا؟ فإن لم يجز، فهو السبيل المعين، ويأتي فساده. وإن جاز، فنقول: فما حكم من لم يرد الاحتياط؟
وعلى الثاني، فالمعين - بالكسر - إما هو العلم، أو غير العلم. الأول باطل; لأنه ليس بمعلوم، فتعين الثاني. وغير العلم الذي يمكن تعيين حكم الخبر به، ويصلح معينا له منحصر بالأصل، والأخبار، والظن، والاحتياط. والثلاثة الأولى مثبتة لجواز العمل أو وجوبه، والرابع غير ممكن كما مر.
فإن قيل: لعل المعين هو الاحتياط في المدلول والمورد، فيجب الأخذ بكل خبر كان مدلوله موافقا للاحتياط، ويحرم الأخذ بما لا يكون كذلك.
قلنا: لا يفيد (ليت ولعل) في التعيين، فلعله لا يحرم الأخذ بما لا يكون كذلك، فلم يتعين.
فإن أردت أنه تتعين حرمة الأخذ والعمل بما لا يكون موافقا للاحتياط، فإن كان ذلك بلا معين فهو تحكم بحت، وإن كان لأجل معين، فأين هو؟ وما هو؟
وأما مجرد الاحتمال فلا يكفي في التعيين، وإلا يحتمل وجوب الأخذ أيضا، فلا يمكن أن يكون الاحتياط هو المعين، مع أنه يتعارض الاحتياطان حينئذ لو حكم بوجوب ترك المخالف للاحتياط، إذ يمكن أن يكون قبول الخبر فيما كان مورده خلاف الاحتياط والحكم بمقتضى الخبر واجبا.
بل نقول: ليس مورد من الموارد التي يخالف الاحتياط فيها مدلول الخبر إلا و (1) يحصل التعارض في الاحتياط، كما إذا ورد: أن الشئ الفلاني طاهر، ثم ورد عليه البيع أو لاقى ثوبا، وصلي فيه.