أحدهما، والمانع للعمل بهذه الأخبار موجود، وهو الأخبار المتقدمة والآتية الدالة على حجية الخبر، سيما مع أنها أخص مطلقا من الأخبار المانعة، ومعه لا يعمل بالعام في مورد الخاص إجماعا وقطعا، ولم يقل أحد بحجيته فيه فإن قيل: لعل ذلك الشئ الآخر (1) الذي يتبع في تعيين حكم الخبر هو (2) الاحتياط في مدلوله، فإن كان مدلوله موافقا للاحتياط يجوز الأخذ به أو يجب، وما كان مخالفا له يجب تركه، وما كان نسبة مدلوله وخلافه إلى الاحتياط متساوية يتخير فيه.
قلنا: من البديهيات بطلان الترجيح بلا مرجح، والتعيين بلا معين، فيبطل احتمال وجوب الأخذ باحتياط (3) دون آخر.
وعلى هذا فنقول: لا شك في أن من يعمل بالخبر لا يمنع من الاحتياط، فإن ورد خبر أن الشئ الفلاني طاهر، لا يمنع من الاجتناب عنه، وإنما يمنع من رد الخبر والحكم بأن هذا الشئ نجس، أو الحكم بفساد البيع الذي ورد عليه إذا ترافع المتبايعان (4)، ونحو ذلك.
فالمراد من رد الخبر المخالف مدلوله للاحتياط إن كان محض الاجتناب عن مدلوله، فهو غير رد الخبر (5).
وإن أريد الحكم بموافق الاحتياط في مدلوله، فهو رد الخبر، وهو أيضا خلاف الاحتياط، لاحتمال وجوب قبوله، وترجيح الأول لا وجه له وترجيح بلا مرجح.
فإذا ورد أن الثوب الملاقي للفأرة طاهر، فلا بحث لأحد من القائلين بحجية