تلك الأخبار المروية بطرق أصحابنا، المدونة في كتبهم، التي صرح السيد في المسائل التبانيات بأنها معلومة، مقطوع على صحتها، إما بالتواتر، أو بأمارة وعلامة دلت على صحتها وصدق رواتها. وقال: فهي موجبة للعلم مقتضية للقطع، وإن وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص من طريق الآحاد (1).
فلا خلاف بينهما في حجية تلك الأخبار، كما لا خلاف بينهما في عدم حجية الخبر الواحد من حيث هو، كما صرح به المحقق في المعارج، قال: وذهب شيخنا أبو جعفر إلى العمل بخبر العدل من رواة أصحابنا، لكن لفظه وإن كان مطلقا، فعند التحقيق يتبين أنه لا يعمل بالخبر مطلقا، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمة، ودونها الأصحاب، لا أن كل خبر يرويه إمامي يجب العمل به (2). انتهى.
وكيف يقبل من له أدنى شعور، ادعاء مثل ذينك الجليلين ضرورة الشيعة، وعلم كل موافق ومخالف، على أمرين متناقضين؟.
وأما ظاهر الكتاب، فهو قوله سبحانه: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * (3) فإنه يدل بمفهوم الوصف على حجية خبر كل من لم يعلم فسقه، وهذا المفهوم وإن لم يكن حجة عندنا، إلا أنه لاشك في كونه مفيدا للظن.
إذا عرفت تلك المقدمات، فاعلم أن كلامنا تارة في جواز العمل بالأخبار المدونة في كتب أصحابنا إلا ما أخرجه الدليل وإباحته، أو في وجوبه وحجتيها.
وعلى التقديرين، فالكلام: إما في الخبر في الجملة، وبعبارة أخرى: الخبر المطلق منها، أو في جميع تلك الأخبار إلا ما أخرجه الدليل، وبعبارة أخرى في مطلق هذه الأخبار.