أو جوزنا كونهم كذلك، لا يثبت منه إجماع على وجوب الافطار في ذلك اليوم مطلقا، أو في حقنا ولو لم نكن مسافرين.
ألا ترى أنه لو علمنا قطعا: أن جميع العلماء الامامية، بل علماء الأمة، بل جميع الأمة شربوا دواءا خاصا، أو كل منهم دواءا وجوبا شرعيا، ولكن شربت طائفة لصداعه، وأخرى لوجع عينه، وثالثة لوجع أذنه، ورابعة لوجع ضرسه، و خامسة لوجع بطنه، وسادسة لسلسه، وسابعة لورم رجله، وهكذا، أو جاز كون شرب كل طائفة لمرض، لا يحكم بوجوب الشرب المطلق، أو علينا مع خلونا عن الأمراض، وافتراقنا عنهم به، وذلك ظاهر جدا وإذا عرفت هذه المقدمة، نقول: هل زعمك أن هذه الطوائف الغير المحصورة من فرق المسلمين الذين بنوا عملهم في كل واقعة على حكم من الأحكام الخمسة ، ولم يقتصروا في تكاليفهم على المعلومة، كان بناؤهم هذا بعد أن جعلوا دليلا ظنيا حجة لأنفسهم، وأثبتوا بالبرهان القطعي حجيته لهم، وعلموا شرعا كونه دليلا لهم، أم لا؟
فان قلت: لا، وكان عملهم بالدليل الظني، واستخراجهم الحكم منه، و استنباطهم التكاليف الغير المعلومة قبل إثبات حجيته، فلا تستحق جوابا غير السكوت والضحك.
وإن قلت: كان بعد إثبات حجية دليل ظني كالخبر أو الشهرة، أو مطلق الظن، فأي نسبة بينهم وبيننا في هذا الحال التي لم يثبت علينا حجية ظن بعد؟ و أي مشابهة ولأي جهة أخذنا ذيلهم ونعد وقفاهم؟ مع أن الفرق بينهم وبيننا من الأرض إلى السماء، ونحن أيضا لو فهمنا حجية دليل ظني وأثبتناها، نكون مثلهم البتة، ونعمل في غير المعلومات كما يعملون هل كان رجوعهم إلى الدليل الخاص، ومع فقده إلى العمومات، ومع انتفائها إلى حكم ما لا نص فيه بعد ثبوت حجية ذلك الدليل الخاص، وتلك العمومات، وعلم حكم ما لا نص فيه، أو قبله؟ ظاهر أنه كان بعده