واحتمل الشهيدان (1) الاكتفاء بالواحد جعلا لها من باب الرواية لا الشهادة، وقال في روض الجنان: الظاهر اعتبار الشياع المتاخم للعلم، بل ربما يكون أقوى، مع احتمال العدم وقوفا فيما خالف الأصل على المتيقن (2)، ثم حكم بعدم وجوب عرض ذلك البينة على الحاكم كسائر المواضع، بل يكفي سماع المكلف، ومثله البينة بالهلال للصوم والإفطار ودخول الوقت وغير ذلك، وقال: هذا من المواضع المشكلة في كلامهم، والفرق خفي (3).
وقال المحقق الورع المتقي قدس لطيفه: ويمكن أن يقال: كل ما يتعلق بنفس شخص، بحيث لا يتعدى الأثر إلى غيره، لا يحتاج في قبول البينة إلى الحاكم، وإلا يحتاج، فتأمل (4) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
ولا يخفى أن نفي الحرج والعسر بل وتكليف المحال يمنع عن اعتبار ذلك مطلقا، فتأمل.
ولو تعارض البينتان: فإن كان نفيا وإثباتا فصريح العلامة في التذكرة (5)، والشهيد في الذكرى تقديم بينة الإثبات، وعلله في الذكرى بأن شهادة النفي غير مسموعة (6).
وأما إذا لم يكن كذلك، بل ادعيا الاعتبار فيتعارضان ويتساقطان، فقال في روض الجنان: يمكن القول بإطراحهما والرجوع إلى الأصل وهو التمام، أو مراعاة الاحتياط لاستحالة الترجيح من غير مرجح (7). هذا كلامه (رحمه الله).
وبعض المتأخرين - بعد ذكر البينة هاهنا وتعارض البينتين - تأمل في ذلك الأحكام كلها حتى في قبول شهادة العدلين وقال: ليس هاهنا ما يعول عليه لفقد النص وضعف التعويل على الترجيحات الاعتبارية.