أو بالأصالة. اللهم إلا أن يقال: القاصد إلى البلد الغير العالم بالمسافة حين خروجه من منزله يعلم أن هناك بلدا مستقرا لا يزول من مكانه وهو يذهب حتى يصل إليه بخلاف طالب الآبق، فإنه لا يتعين له ذلك، إذ لعله كان في آن الخروج إلى الأقل من المسافة، فلم يقصد الطالب في آن الخروج المسافة النفس الأمرية.
ويشكل بأنه يمكن أن يقال: إنه يقصد حين الخروج المقام الذي يصل إليه، وكان في نفس الأمر بينه وبين ذلك المقام مقدار المسافة وإن لم يكن في آن القصد والخروج في أقل من المسافة، فهو في نفسه قصد ذلك الأرض الذي يكون فيه العبد حين وصوله إليه، وهو مستقر لا تزلزل له ليحصل التفرقة فتأمل جدا.
هذا، مع أن الظاهر المتبادر من الأخبار هو ما لو قصد المسافة المعلومة، وهو الغالب المنساق منها أيضا ويصرح بذلك موثقة عمار السابقة في المباحث المتقدمة قال (عليه السلام) فيها: " لا يكون مسافرا حتى تسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ " (1). وبالجملة: المسألة محل إشكال، ولكن الأظهر ما عليه الجماعة لتعين المقصد عنده فيما نحن فيه.
وأشكل من ذلك إلحاق الشهيد الثاني (2) (رحمه الله) الصبي الذي بلغ في أثناء المسافة بذلك، وكذا المجنون إن تصور منه قصد لو أفاق في الأثناء.
والخلاص في الاحتياط والله أعلم بأحكامه.
الثامن: إذا جهل المسافة وكان عليها بينة فيعمل عليها.
وظاهر العلامة (3) والشهيدين (4) وغيرهما إعتبار الرجلين العدلين، وعلل ذلك في روض الجنان بأنه الظاهر عند الإطلاق في نظائر هذه المواضع (5).
ولعله أراد تفسير كلام الفقهاء بذلك، وحينئذ فالأولى التشبث بالاستقراء.