وفي كتاب الهداية للصدوق عن الصادق (عليه السلام): تحريم الصلاة التكبير، وتحليلها التسليم (1).
وظاهر الخبر الحصر، كما لا يخفى على المطلع بضوابط العربية، والمفرد المضاف يفيد العموم حيث لا عهد، مع أن معنى التحليل هو أن يؤثر الشئ في حلية شئ، فلو كان قبله حلالا فلا معنى للتحليل، ولا ريب أنه مع القول بالاستحباب، فبعد تمام التشهد ينقضي الصلاة ويحل المنافيات، والتحليل حينئذ تحصيل للحاصل وبالجملة: لا ينبغي التأمل في دلالتها.
ومما ذكرنا ظهر اندفاع ما قيل من أن التحليل قد يحصل بغير التسليم، كالمنافيات وإن لم يكن الإتيان بها جائزا، وحينئذ لا بد من تأويل التحليل بالتحليل الذي قدره الشارع، وحينئذ كما أمكن إرادة التحليل الذي قدره الشارع على سبيل الوجوب أمكن إرادة التحليل الذي قدره على سبيل الاستحباب، وليس للأول على الأخير ترجيح واضح.
لأن بعد ما ثبت عدم حلية فعل من المنافيات قبل التسليم بمقتضى مفهوم التحليل فلا معنى لاستحباب المحلل، ولا يخفى أن النسبة حينئذ مجازية، وهو خلاف الأصل، وذلك لأن التحليل لم يحصل حينئذ بالتسليم، بل فعل المنافيات حلال قبل التسليم، لأن المفروض تمامية الصلاة بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) على القول بالاستحباب.
فإن قلت: نعم إنه قد فرغ من واجبات الصلاة، ولكنه باق في مستحباتها، فبهذه الصيغة يخرج عن الواجبات والمستحبات جميعا.
قلت: البقاء في المستحبات لا ينفع مع تجويز فعل ما كان محرما سابقا، فكيف يصح - مع ذلك - القول بكون السلام مخرجا عن الصلاة ومحللا؟
فإن قلت: البقاء في الصلاة لا يستلزم وجوب ما يجب عليه فيها وتحريم ما يحرم عليه، بل يحصل بالمحافظة على الشروط وثواب المصلي واستجابة الدعاء.