فحينئذ نقول: أما الوارث منحصر في الولي، فهو مخير بين كل واحد منها مع التمكن من كل منها، وفي صورة اختياره الصوم يجئ الخلاف المذكور، فالمشهور يجوزون تبديل أحد الشهرين بالصدقة، وابن إدريس لا يجوز.
وكذا لو كان معه وارث آخر ولم يزاحمه في اختياره وإن كان بسبب صغره، بل لا معنى للمزاحمة; إذ غاية الأمر كونه متبرعا.
نعم يمكن جريان المزاحمة على القول المشهور بفرض أن يكون تبديل أحد الشهرين بالصدقة من مال الميت أشق عليهم من عتق عبد موجود عندهم لا يسوى ثمنه الصدقة المذكورة.
فلا بد من فرض المسألة على المشهور في صورة عدم المزاحمة، وكلامهم لا يأبى عن ذلك، وكذلك كلام ابن إدريس.
هذا كله على فرض وجود الولي، سواء كان منفردا أو معه غيره.
وأما لو فرض عدم الولي، وانحصر الوارث في غيره، فيمكن المناقشة في دعوى الاجماع السابق; لأن كلماتهم متطابقة في ذكر الولي، فلا بد من الرجوع إلى القواعد.
فمقتضى استصحاب اشتغال ذمة الميت بإحدى الخصال، وتعلق الحق المالي بذمته في الجملة لزوم الإتيان بأحدها; إذ الأصل عدم انتقال المال إلى الوارث إلا فيما ثبت، وثبوت قضاء العبادة عند فقد الولي وعدم لزوم الاستئجار كما مر لم يقم دليل عليه إلا في صورة تعين العبادة عليه، وهو خلاف المفروض; إذ هنا الأمر مردد بين العبادة وصرف المال، فالمتولي لأداء ديون الميت - كالوصي أو الحاكم أو من يقوم مقامه - يلزمه الأخذ بإحدى الثلاثة، وفي صورة التزامه الصيام يجئ فيه الخلاف المذكور أيضا.
على أنا نقول: يمكن دعوى الاجماع على تعلق الحق المذكور بماله بعد الموت في الجملة أيضا.