والظاهر أنه ليس كذلك، كما يشعر به العطف بكلمة الفاء دون الواو.
فقوله عليه السلام: " فإن تهاون " فرع لقوله: " وإن صح فيما بين الرمضانين " يعني: إن صح بينهما فيجب عليه الصيام، يعني بين الرمضانين، فإن تهاون حينئذ ولم يصم حتى أدرك القابل فعليه الصيام والكفارة.
وأما استدلالهم بحسنة محمد بن مسلم فمبني على أن مفهوم قوله عليه السلام: " إن كان برأ ثم توانى قبل أن يدركه الصوم الآخر صام الذي أدركه وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه صيامه " أنه إذا لم يتوان ولم يقصر فليس حكمه وجوب الأمرين عليه، بل إنما يجب عليه الصيام فقط.
وفيه: أن انتفاء المركب يحصل بانتفاء المجموع، وبكل واحد من جزئيه، فلعله لم يكن عليه شئ، أو كان عليه الفدية فقط.
ولا دليل على تعيين الصيام، مع أن النفي والإثبات يرجعان إلى القيد الأخير غالبا، فوجوب الصيام أولى بالانتفاء، فلعل حكمه كان حكم استمرار المرض، وقد مر تمام الكلام.
هذا إن سلمنا أن المراد بالتواني هو ما فسروه في معنى التهاون، وإلا فلنا أن نقول:
إن تأخير القضاء مع القدرة تهاون، وإن اعتمد في التأخير على السعة، فإن التهاون في اللغة بمعنى الاستحقار كما نص عليه الجوهري (1)، وكذلك التواني بمعنى التقصير وتأخير الواجب عن أول وقته بلا عذر مع القدرة عليه استحقار له، فإن محض الاعتماد على السعة ليس بعذر، بل هي متابعة للهوى، وترجيح لمقتضى النفس الأمارة على المبادرة بالواجب.
واستشهد الشيخ - رحمه الله - أيضا برواية سعد بن سعد، عن رجل، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصح بعد