ويمكن القول بالتعميم أيضا; لأن أدنى مراتب البينة الشرعية لا يحصل بها الظن المتاخم للعلم، فيكون ما أفاده أمما وقع النص والإجماع على ثبوته به، فكان أولى أيضا، وإن كان مساويا لبعض مراتب البينة أو قاصرا عن بعضها; لأن مفهوم الموافقة يكفي في المرتبة الدنيا بالقياس إلى ذلك الفرد المتنازع فيه لو أقيمت عليه بينة كذلك أو حصل به تسامع يفيد مرتبة أقوى، وسيأتي رجوع المصنف عن الجزم باعتبار العلم إلى الاكتفاء بمتاخمته على تردد فيه.
وإن اكتفينا فيها بمطلق الظن كما يظهر من كلام الشيخ قوي جانب الحصر لما ذكروه من الوجوه (1)، انتهى.
وظهر من ذلك: أن الأقوال في المسألة ثلاثة: اعتبار العلم في الاستفاضة إلا فيما استثني من الأمور المذكورة على خلاف فيها وفي عددها ليس ههنا محل بسط الكلام فيها.
والثاني: كفاية الظن مطلقا كما نسب إلى الشيخ (2).
والثالث: اعتبار الظن المتاخم للعلم.
دليل القول الأول: أن الأصل عدم الثبوت، وأصالة حرمة العمل بالظن، ولا دليل على اعتبار هذا الظن.
ولا ينافي ذلك ما حققناه في الأصول من أن مطلق ظن المجتهد حجة; لابتنائه على الدليل العقلي الذي لا يقبل التخصيص، وهو انسداد باب العلم، وقبح تكليف ما لا يطاق مع بقاء التكليف (3); لأن ذلك إنما ذكرناه في نفس الأحكام الشرعية، ومثل مباحث الألفاظ من متعلقات الأحكام، ومثل ماهيات الموضوعات التي تحول إلى أهل خبرتها، كالعيب والأرش والقبض وأمثالها.