حدود معاني الهيئة، وهكذا في ناحية النهي، فإن المشروط هي الحرمة، وهي خارجة عن مفاد النواهي لغة ووضعا، حسبما يؤدي إليه نظر المدققين (1)، كما عرفت في محله (2)، ويأتي في النواهي (3).
بل الوجوب والحرمة من الاعتبارات المتأخرة عن الاستعمال، ومن الانتزاعيات الحاصلة من البعث والزجر، فكما أنا إذا راجعنا البعث بالإشارة والتحريك الخارجي، وراجعنا الزجر بالإشارة الخارجية والمنع اليدوي، لا نجد هناك وجوبا ولا تحريما، بل الإشارة التكوينية كاشفة عقلا وعرفا عن الإرادة اللزومية، المورثة لاعتبار الوجوب أو الحرمة، كذلك الأمر في الهيئات القائمة مقامها في الاعتبار، وكما أنه لا تحريك خارجي في الوجوب المشروط، ولا في الحرمة المشروطة، فكذلك لا تحريك اعتباري في المشروط منهما أيضا.
فإذا فرضنا أن الهيئة موضوعة، وقائمة مقام ذلك المعنى في الاعتبار، فلا يكون موجبا لحصول معنى الوجوب والحرمة حتى يصيرا مشروطين، فتلك الهيئة معلقة بحسب الاستعمال، لا أن مفادها معلق على الشرط المذكور في القضية، حتى يقال: بأنه مستعمل في معناها، فإنه لو كان مستعملا في معناها، فلا بد من اعتبار الوجوب قهرا، ومن اعتبار التحريك الخارجي مقامه طبعا.
وهذا هو غاية مقصودنا في بيان الوجوب المشروط، مع إنكار رجوع القيد إلى مفاد الهيئة، فلو كان جميع الشبهات التي أفادها الأعلام (رحمهم الله) لرجوع القيد إلى الهيئة تامة، ما كان يلزم منه الالتزام برجوع القيد إلى المادة.
ولعل لذلك قيل: " إن الشيخ الأعظم الأنصاري ما كان بصدد إثبات إرجاع